Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

كيف صارت روسيا الرادع الاستراتيجي لدى سوريا" وتفاصيل الاتفاق الروسي-الاميركي

أرض كنعان/ متابعات/  يقول كبير مراسلي صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية لشؤون الشرق الاوسط الاوسط روبرت فيسك في تقرير اليوم الاثنين ان السوريين الذين كثيراً ما يحفظون الشعر يحبون وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ويعتقدون انه ينظمه في اوقات فراغه. ويكشف فيسك تفاصيل عن كيف صارت روسيا الرادع الاستراتيجي الذي يمنع الهجمات المحتملة من الغرب على سوريا. وهنا نص التقرير:

"غادر الوفد السوري الى موسكو دمشقَ ليلة السبت 7 ايلول (سبتمبر) لغايتين متساويتين، ان يعرف مصيره وان يتفاوض.

كان الرئيس الاميركي باراك اوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضعان خطتهما لمنع ضربات الصواريخ الاميركية، ولم يكن لدى وليد المعلم، وزير خارجية سوريا المحنك جداً، اي فكرة عن مضمون الخطة. وبعيداً عن جلب اي اقتراحات محددة الى روسيا، اراد ان يعرف ما كان يعرفه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف – ذلك ان كان يعرف اي شيء بالمرة.

كان موقفاً غريباً. سوريا لم ترد ان تتعرض لهجوم من الولايات المتحدة بعد ان استخدم غاز الـ"سارين" في دمشق ليلة 21 آب (اغسطس)، لكن لا بد انه كان واضحاً ان النظام السوري – الهدف الرئيس لصواريخ اميركا الموجهة – قد تم استبعاده. روسيا كانت تتخذ القرارات.

المعلم وفريقه – المعروفون جيداً في العالم العربي وخصوصاً في ايران (وفي الايام الجميلة الماضية في لندن، وواشنطن وباريس) – وصلوا الى مطار شيريميتيفو منهكين فجر الأحد 8 ايلول (سبتمبر) ونزلوا، كما يفعلون دائماً في موسكو، في فندق "ذي بريزيدانت" بجانب نهر موسكفا، وهو فندق متكهف لا روح له من مخلفات عهد (ليونيد) بريجنيف. حدد موعدهم مع لافروف ليوم الاثنين في وزارة الخارجية الروسية، وتحدث المعلم ووفده، الذين كانوا لا يزالون منهكين من رحلتهم طوال الليل، الى دمشق وشاهدوا برامج القنوات الفضائية التلفزيونية المبثوثة من واشنطن.

كانت تلك لحظة في تاريخ سوريا يعيها المعلم وزملاؤه جيداً. صار تقرير سياسة سوريا الخارجية- وربما الاحرى العسكرية – في ايدي آخرين. وهكذا حصل ان جلس المعلم يوم 9 ايلول (سبتمبر) مقابل لافروف في الوزارة. قال وزير الخارجية الروسي للسوريين ما هو رأيه من دون تلطف. كان واضحاً منذ البداية انه اعتقد ان اوباما سيضرب بلادهم.

لم يكن هذا نبأً جيداً، خصوصاً عندما اوضح لافروف ان العملية ستتم "بالتأكيد". جرى بعض النقاش قبل ان يعرض المعلم موقف بلاده: وهو انه "اذا كان السبب الحقيقي للعدوان المزمع ضد سوريا هو الاسلحة الكيماوية، فان الوسائل الدبلوماسية لم تستنفَد بعد". السوريون مثل لافروف – وهم يعتقدون (لا ادري على اي اساس) انه ينظم الشِعرَ في وقت فراغه، وهو امر ذو جاذبية طبيعية لأناس كثيراً ما يحفظون الشعر العربي عن ظهر قلب حتى قبل تعلمهم الكتابة. ومن الاقوال الثابتة في دمشق انه "صديق جيد للعرب". واترك للقراء ان يحكموا إن كان هذا صحيحاً.

ان التنقيب كما يفعل رجل مباحث عن تفاصيل الدبلوماسية الروسية-السورية – ناهيك عن العلاقة العسكرية الفائقة للعادة – هي مثل التجول في الكهف المتشعب الذي كان يسكنه (المخلوق الاسطوري اليوناني القديم) مينوتور. اذ ان اي منعطف خطأ يعرضك للخطر، قد تفقد صديقاً قديماً الى الابد، او تثير غضب احد المعارف، او قد يغضب مسؤول بسبب سوء فهم ناتج عن الترجمة. لذا فانني بينما كنت اخطو على رؤوس اصابعي عبر المصادر الروسية والسورية، كان لا بد لي من ان اتذكر المخاطر. هذا افضل ما يمكن ان افعله ولدي كل سبب للاعتقاد بانه الصواب. انها قصة تنبئك بمستقبل الدولة السورية.

على اي حال، قطع لافروف المحادثة بقوله للمعلم ان عليه ان يذهب فوراً لمقابلة الرئيس بوتين في الكرملين. وقال للسوريين على نحو قاطع: "سأعود اليكم". واصر المعلم مرةً اخرى على ان "الدبلوماسية لم تُسْتَنفَد". لا بد انه كان يأمل انه على صواب، ففي النهاية اذا اذا لم يكن مصيباً، فقد لا يكون هناك مطار لدمشق يعود اليه.

عاد السوريون الى فندق "بريزيدانت" القاتم لتناول الغداء. وفي واشنطن، كان جون كيري يهذر بمزيد من التهديدات. سوريا يجب ان تسلم الاسلحة الكيماوية. ليس امامهم سوى اسبوع ليقدموا لائحة بها. في الساعة 5 من بعد الظهر اجرى لافروف مكالمة هاتفية مع المعلم. يجب ان يلتقيا في غضون ساعة. سيجري عقد مؤتمر صحافي.

طوال الوقت، اصر المعلم على ان سوريا تريد التوقيع على معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية. وكان الجميع – وليس اقلهم روسيا – يعلمون ان ترسانة سوريا الكيميائية هي دفاعها الاستراتيجي العميق الوحيد اذا واجهت البلاد سيناريو يوم القيامة مع اسرائيل. ومع ذلك لم يكن المعلم يدري ما الذي ينتظره. كان هو وزملاؤه قد امضوا 36 ساعة من دون نوم. كان لافروف قلقاً لاسباب مختلفة. اذا ضرب الاميركيون سوريا، فسيدمرون جيش بشار الأسد، والاسلاميون قد يجتاحون دمشق والقوات الروسية – التي لها قاعدة بحرية وقوات مارينز في ميناء طرطوس السوري وسفن حربية اخرى في مياه شرق البحر المتوسط – "ستضطر لابداء رد فعل". هذه، على الاقل، هي الرواية الروسية للاحداث.

الآن ابلغ لافروف المعلم بصفقة بوتين: كل اسلحة سوريا الكيميائية ستوضع تحت المراقبة، تفاصيلها يجب ان تسلم في غضون ايام، كل المخزونات يجب ان توضع تحت سيطرة دولية في غضون سنة. والروس سيكونون ممتنين جداً اذا تلطف المعلم – في مؤتمر صحافي في ذلك المساء – بالموافقة. اتصل المعلم بدمشق. تحدث الى الحكومة وبالطبع الى الرئيس بشار الاسد. وافق. وهكذا ظهر المعلم منهكاً متجهم الوجه امام عدسات كاميرات التلفزيزن العالمية – وكانت تبدو عليه إمارات الانهاك التام – "ليقول نعم" (حسب كلام الروس).

ارادت سوريا انقاذ شعبها من العدوان واولت اصدقاءها الروس ثقتها التامة. وبدت احدى مساعداته، بثينة شعبان – وهي ايضاً مستشارة للاسد – مربكة.

في ما بعد قال المعلم للافروف ان الاتفاق يأخذ من سوريا سلاحها "رقم 1". ورد لافروف: "نحن افضل اسلحتكم".

وهذا ما جرى. صار الرادع الاستراتيجي لدى سوريا هو موسكو. الكرملين يحكم"