شكّلت العمليات الفردية التي ينفذها شبان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، في الأشهر الأخيرة، تحديًا مُؤرقًا للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي كثيرًا ما كانت تركز عملياتها وأدواتها الاستخباراتية على الخلايا المنظمة التي تتبع فصائل فلسطينية.
ومنذ بداية العام الجاري، وقعت 5 عمليات منها اثنتان باستخدام السلاح، وعملية دهس ثالثة على التوالي، وعمليتين أخريين طعنًا.
وتتهم المؤسسات الإسرائيلية السياسية منها والأمنية المجتمع والبيئة الفلسطينية والمؤسسة التعليمية بتحريض الشبان والفتية للقيام بعمليات فدائية على يد ما باتت تطلق عليهم " الذئاب المنفلتة".
ويقوم الإعلام الإسرائيلي مؤخرًا بالدفع بتقارير إعلامية متلفزة، سيما من القدس تتهم البيت والمدرسة والبيئة الفلسطينية بالتحريض ضد الاحتلال ومستوطنيه على نحو يدفع هؤلاء الفتيان والشبان للقيام بعمليات فدائية، فيما يؤكد كتاب ومحللون على أن هؤلاء الفتية لا يحتاجون للتحريض في ظل وجود مشاهد القتل والهدم والتنكيل والإذلال.
ويقول هؤلاء المحللون خلال أحاديث منفصلة إن الاحتلال هو من يقف خلف عوامل التفجير عبر تشديد الضغط.
المشهد أكبر مُحرض
ويقول الكاتب والمحلل إبراهيم حبيب، إن ما يقوم به الاحتلال بهذا الاتجاه هو الدفع بمزيد من القوة وصولاً لتوليد ذلك الانفجار.
ويشير الكاتب حبيب أن الدفع بمزيد من القوة والتحريض سيدفع الفلسطيني نحو الحائط، وبالتالي الدخول بمواجهة.
ويضيف: "الاحتلال يحاول إلقاء اللوم على الفلسطيني دائمًا، وأن عليه أن يُقتل ويُسحل وتُنتهك كرامته وتُسرق أرضه ويُهدم بيته وعليه أن يبقى ساكنًا أمام هذه السياسات".
ويلفت إلى أن من الطبيعي أن تغذي هذه الأفعال وهذه الانتهاكات الروح الوطنية مبكرًا لدى هؤلاء الفتية، "فالمشهد أكبر محرض".
ويتابع الكاتب حبيب: "الاحتلال حاول على مدار 74 سنةً أسرلة المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل ولاسيما في القدس، ولكنه فشل في مسعاه أمام تماسك المجتمع وتشبثه بحقوقه، لذلك يحاول الاحتلال من خلال هجومه على المدرسة والمؤسسة التعليمية والبيت الفلسطيني إلصاق تهم الإرهاب، وتناسى أنه هو من يسرق الأرض ويسلب الحقوق.
وحول الأسباب التي تدفع الشبان لتنفيذ العمليات الفدائية، يوضح حبيب أن السبب يعود كونهم الأكثر عاطفية والأكثر عنفوانًا".
ويؤكد الكاتب حبيب أن الدلائل والتاريخ تشير إلى أن هذه الإجراءات لن تُفلح في كبح هؤلاء الفتية والشبان.
وكشف موقع "واللا" العبري الأحد، أن حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية توصلتا مؤخراً لتفاهمات بينهما برعاية أمريكية لخفض التوترات في الضفة الغربية.
وقرر رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، تعيين طاقم مختص بمكافحة ما أسماه "التحريض على تنفيذ العمليات الفدائية عبر منصات التواصل الفلسطينية".
توسع بقعة الزيت
وحول التحريض الإسرائيلي، يبين الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات أن هذا التوجه ضمن مخطط أشمل يستهدف الفلسطينيين سيما المقدسيين، فيما يجري التركيز على الفتية وملاحقتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي وصولاً لاعتقالهم أو قتلهم.
ويلفت عبيدات إلى أنّ الفتية لا يحتاجون لتحريض؛ "فمشاهد القتل والتنكيل والإذلال تصله لحظة بلحظة بل وأصبح يشاهدها بعينيه في الأزقة وعلى مداخل أحياء المدن".
ويقول: "مشاهد طرد الفلسطيني من بيته أو إجباره على هدمه أو إخلائه ليستوطنه مستوطن قادم من بيلاروسيا أو أوكرانيا، بالإضافة إلى أن البيت الفلسطيني أصبح مثقل بالجراح فلا يخلو من شهادة او اعتقال أو تنكيل".
ويشدد على أنّ ما تفعله حكومة الاحتلال لن يفرض الاستسلام على الفلسطيني والمقدسي بشكل خاص، "وهذا يساهم بصب الزيت على النار ومن شأنه توسيع بقعة الزيت".
ويُشير إلى أن خطاب وأفعال الكراهية التي تمارسه حكومة الاحتلال أكبر محرض للفلسطيني بما يشمل الفتى والطفل.