"الضرب في الميت حرام"، إلا أن "إسرائيل" تستبيح الموتى وتعود بعد مرور 74 عامًا، على انتهاكها لجثامين موتى مقبرة قرية عرب السوالمة المهجرة قضاء يافا، واستكملت ضربهم، حتى طمست ما تبقى من جريمة عام 1948 بالكامل.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بجرافاتها مقبرة القرية المهجرة على حين غفوة من الناس الليلة قبل الماضية، وجرفت ما تبقى من أساسات القبور.
ويأتي ارتكاب هذه الجريمة ضمن مسلسل انتهاك حرمات المقابر الإسلامية والمقدسات في الداخل الفلسطيني المحتل، والذي لن يكون موتى عرب السوالمة أخرها.
و"عرب السوالمة" قرية فلسطينيّة مهجّرة في قضاء يافا، تقع قرية السوالمة حول مجرى نهر العوجا الأوسط على بعد 16 كم من شمال شرق المدينة.
وكانت القرية مبنية على رقعة أرض مستوية نسبيًا مع انحدار طفيف من الشمال باتجاه الجنوب، وترتفع أراضها 25 م عن سطح البحر، وقد احتلتها "إسرائيل" في 30 آذار 1948 بعد تهجير سكانها، وهي الفترة التي كانت القوات الصهيونية تسيطر فيها على كل المنطقة الساحلية الممتدة بين حيفا ويافا المحتلتيْن.
ومؤخرًا تصاعدت انتهاكات الاحتلال ضد المقابر في الداخل بشكل ملحوظ، فقد اقتحم مستوطنون بحراسة قوات الاحتلال مقبرة الصديق الإسلامية، واعتدت عليها، وسبقها اعتداءات على مقبرة الإسعاف، ومقبرة القسام بحيفا، وما تزال متواصلة.
استغلال بعدها عن السكان
وعما جرى في مقبرة عبر السوالمة، يقول شهود عيان: " إن الأهالي وبعض النشطاء والمتطوعين تفاجأوا في ساعات مساء يوم السبت، بتجريف المقبرة وطمس بواقي القبور بالكامل.
ويضيف "استغلوا بعد المقبرة عن مركز المدينة ودخلوا القرية وجرفوها، ولم نستدرك الأمر إلا بعد ارتكاب الجريمة".
وكان العشرات شاركوا مؤخرًا بيوم تطوعي في القرية إحياءً للذكرى الـ74 للنكبة الفلسطينية، ونفذوا أعمال تنظيف وترميم وتقليم أشجار للقرية، بالإضافة إلى جلسات ووطنية، تأكيدًا على التمسك بحق العودة.
وجاء ارتكاب الاحتلال جريمته بعد انتهاء فعاليات إحياء ذكرى النكبة، التي تتركز طوال أسبوعين في القرى المهجرة كل ذكرى للنكبة، وذلك برعاية جمعية حقوق المهجرين بالداخل.
جريمة ممتدة
ويقول الناشط والمختص بشؤون المقدسات بيافا الكاتب عبد القادر سطل : "إن الاحتلال استغل بعد القرية عن مركز المدينة، حيث تبعد 16 كم عن السكان، وارتكب جريمته بتجريف المقبرة وطمسها بالكامل".
ويضيف "في تلك المنطقة يسرح الاحتلال ويمرح ويفعل ما بدا له، دون أخذ إن لهذه السلطات لدخول القرية، وكأنها أرضهم، بالرغم من أن هذا الدخول انتهاك للقانون الخاص بتلك القرى".
ويصف تجريف المقبرة بـ"الجريمة الممتدة والمركبة، وأنها انتهاك للحرمات والمقدسات، خاصة وأن مقبرة السوالمة سبق وأن تعرضت للتجريف أيناء تهجير أهلها".
هدف تجريفها
من جانبه، يؤكد مسؤول جمعية حقوق المهجرين في الداخل الفلسطيني سليمان فحماوي ، أن تجريف مقبرة السوالمة، جريمة نكراء واستمرار لسياسة الحكومات الإسرائيلية المتطرفة في طمس معالم القرى المهجرة، وما تبقى من مقابر وكنائس ومساجد وغيرها.
ويشدد على أن تجريف المقبرة يأتي ضمن مخطط وبرنامج مدروس لطمس معالم القرى المهجرة، وليس محاولة لذلك.
ويقول "الاحتلال استغل انشغال المنطقة بالأحداث في القدس ومسيرة الأعلام التهويدية والأوضاع المتوترة في الداخل، ونفذ جريمته بتجريف ما تبقى من المقبرة".
ويلفت إلى أن الاحتلال "يبدع في استغلال هكذا أحداث لتنفيذ جريمة من جرائمه لديه نية مخططة لارتكابها لعدم جلب الأنظار، وهو ما حدث أمس".
وعن دوافعه لتجريف بقايا مقبرة لقرية مهجرة، يؤكد أن "إسرائيل تسير على مقولة بن غوريون بأن أرض فلسطين لم يكن فيها سكان، وهي تحاول أن تطمس بقايا جريمتها، واهمة أنها تثبت هذه المقولة".
"ويعكس استهداف المقبرة كما مقابر وكناس ومساجد باقي القرى المهجرة، خوف الاحتلال من حق العودة، بل إن هذا التجريف للمقابر يؤكد حقيقة أنها كانت قرية مسكونة بالناس وعامرة بهم، وليس كما يظن الاحتلال".
ولكن فحماوي يشدد على أن حق العودة الذي "أصبح يخيف إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، ثابت ومقدس ولا يمكن أن يتم التنازل عنه أو تلغيه جريمة ترتكبها هنا وهناك".