أرض كنعان/ رام الله/ تغريد سعادة/ في بيت العزاء الذي أقامته حركة فتح لفقيدها مؤسس حركة الشبيبة الفتحاوية والمعتقل السابق، ووزير التموين في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، الحاج أبو علي شاهين مساء امس في مدينة رام الله، كانت جلية حدة الانقسامات داخل الحركة وتباين المواقف. المئات من كوادر الحركة الموالين للحاج ابو علي شاهين كما كان يحب ان يلقبه الجميع، تواجدوا هناك، وتناثرت الكثير من الانتقادات لهؤلاء الكوادر في إقامة بيت العزاء بصالة بلدية البيرة الضيقة، بدلًا من المقاطعة كما عوّدت الحركة قياداتها.
الحاج كان من القيادات المثيرة للجدل والتي كانت تنتقد صراحة وعلانية رئيس الحركة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس. الا انّ قضية الشرخ بينهما تعززت عندما اصطف شاهين لتيار ما يسمونه محمد دحلان، على اعتبار انّ الأخير هو من تتلمذ على يده ويعتبره احد ابنائه. يقول احد كبار ضباط الشرطة، وهو من الذين قدموا من غزة بعد احداث الانقسام، ان مشادة كلامية حصلت مع مكتب الرئيس عباس حول ترتيبات بيت العزاء كادت ان تلقيه بالسجن.
الضابط الذي سرد لـ "سلاب نيوز" الواقعة قال انّ المقاطعة "كانت معنية بعدم تشريف القائد ابو علي ببيت عزاء يليق به. وهذه الانتقادات ايضًا هي ما دفعت محمد دحلان، القيادي الفتحاوي، لشن هجوم لاذع على عباس على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حيث قال: "ألا يستحق أبو علي شاهين من عباس أن يرسل ممثلاً عنه للمشاركة في جنازته، ولماذا لم يسمح عباس بأن تحتضن مقاطعة ياسر عرفات بيت عزائه أسوة بمن فقدنا من القادة العظام!".
وأضاف دحلان: "لا عجب ولا غرابة، فالحقد والمقت شيمة عباس على الدوام، فلطالما تطاول على القامات العليا من أبطال وقيادات الشعب الفلسطيني أمثال ياسر عرفات وأبو علي شاهين وغيرهم، فمع قاتلي شعبنا من الإسرائيليين يكون عباس حمامة وديعة ناعمة، ومع أبطال الشعب الفلسطيني فهو يكشر عن أنيابه ويبث سمومه، و يرفض تغطية تكاليف العلاج للقائد الوطني الكبير أبو علي شاهين، بل تمنى له الموت ولا يتورع عن معاملته كعدو لدود".
والمعروف عن ابو علي شاهين أنّه الاب الروحي لكل قيادات وكوادر الشبيبة في الاراضي الفلسطينية، ويكفي ان يقال ان ابو علي شاهين هو الاب الروحي لدحلان، لنعرف انّ الامور قد تزداد صعوبة بعد حرمانهم من تنظيم عزاء يليق به من وجهة نظرهم.
يقول احد القيادات المقربة من شاهين لـ"سلاب نيوز": هم يعلمون جيدًا مدى تأثيرنا، ولكنهم يحاولون تضييق الخناق علينا ما امكن، وليكن ذلك".
نبرة الوعيد تسمعها من كل صوب، حتى انّ احدى ناشطات حركة فتح اخذت توجّه انتقادات لاذعة للجنة المركزية، وعلى مسمع اعضاء اللجنة، كان من ضمنهم سلطان ابو العينين، ولم يحرك احدًا ساكنًا.
الخلاف بين تياري دحلان وعباس لم يهدأ، ولكن حدته في الضفة لم تتصاعد كما حدث في قطاع غزة، ووصل حد الصراع المسلح، وهو ما ضاقت به حماس ذرعًا، ودعتهم الى ضبط النفس مؤخرًا.
وفي رام الله، كانت حادثة اطلاق النار على سيارة النائب في التشريعي ماجد ابو شمالة عن حركة فتح، وأحد المقربين من دحلان قبل أسبوعين صادمة، الى حد انّ احد المقربين من التيار الدحلاني اكد لـ" سلاب نيوز" انّ من يقف خلف هذه العملية هو الاجهزة الامنية.
ولدى سؤاله عن السبب، اوضح المصدر انّ ذلك يعود إلى القوة التي بتمتع بها دحلان على الارض في الضفة، "هم يريدون توصيل رسالة لنا ان نبقى في البيت"، بحسب المصدر الذي كشف النقاب عن زيارات قام بها اعضاء من فتح مؤخرًا الى ابو ظبي، والالتقاء بدحلان. ومن بين هذه الشخصيات، اعضاء في المجلس التشريعي عن فتح، واعضاء من المجلس الثوري، وعضو في اللجنة المركزية.
ويقر مصدر مسؤول ليس عضوًا في فتح، انّ الكثير من الشخصيات الفلسطينية من فتح وخارجها تلتقي دحلان في ابو ظبي، وانه في صورة الاحداث على الارض وما يجري في الضفة وقطاع غزة، ليس فقط من اتباعه، بل من مختلف الفصائل، مشيرًا إلى انّ دحلان يحضّر نفسه لتشكيل حزب جديد يخوض فيه الانتخابات القادمة الرئاسية والتشريعية.
المصدر ذاته اقر ايضًا بلقاء دحلان مؤخرا، مضيفًا انّ "دحلان قد يصطدم بعقبة واحدة تحول بينه وبين الرئاسة"، لأنه من قطاع غزة، مشككًا بشعبيته في الضفة الغربية، وقال: "قد ينجح في مقاعد التشريعي، لكن بالرئاسة أشك في ذلك".